عندما نفكر في عرض الزواج، غالبًا ما نتخيل أحد الطرفين يجثو على ركبة واحدة ويقدم خاتمًا—رمزًا أيقونيًا للحب والالتزام. ولكن هل تساءلت يومًا عن أصل هذه العادة؟ تعود قصة خواتم الخطوبة والزواج إلى آلاف السنين، وتمزج بين التاريخ والثقافة والرومانسية والرمزية في طقس لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا.
بدأت فكرة خاتم الزواج في مصر القديمة قبل أكثر من 4800 عام، حيث كان المصريون يؤمنون بأن الدائرة ترمز إلى الأبدية، وأن الفتحة في منتصف الخاتم تمثل بوابة إلى المجهول. كانوا يصنعون الخواتم من القش أو الكتان، ويرتدونها في إصبع اليد اليسرى الرابع، معتقدين أن عرقًا يمتد من هذا الإصبع مباشرة إلى القلب، وأطلقوا عليه اسم “وريد الحب”.
فيما بعد، تبنى اليونانيون والرومان هذا التقليد. استخدم الرومان خواتم مصنوعة من الحديد لترمز إلى القوة والاستمرارية، ثم بدأت تظهر الخواتم الذهبية مع ازدهار الإمبراطورية الرومانية، لتعكس الثراء والمكانة الاجتماعية.
أما خاتم الخطوبة بشكله الحديث، فقد ظهر في القرون الوسطى. في عام 1477، قدّم الأرشيدوق ماكسيميليان النمساوي لماري من بورغندي خاتمًا من الذهب مرصعًا بالألماس لإعلان خطوبتهما. ويُعد هذا أول استخدام موثق لخاتم خطوبة مرصع بالألماس.
نظرًا لقوتها ولمعانها، أصبحت الألماسات رمزًا طبيعيًا للحب الأبدي. ومع ذلك، لم تكن خواتم الخطوبة منتشرة بين عامة الناس، بل اقتصرت على النبلاء والأثرياء في أوروبا.
أما الانتشار الحقيقي لخواتم الألماس فبدأ في القرن العشرين، عندما أطلقت شركة De Beers حملتها الإعلانية الشهيرة بشعار: “الماس يدوم إلى الأبد”. غيرت هذه الحملة عالم المجوهرات، ورسّخت في الأذهان أن خاتم الخطوبة يجب أن يكون من الألماس، وأنه يمثل الحب الحقيقي والدائم.
لم تؤدِ الحملة إلى زيادة مبيعات الألماس فحسب، بل جعلت من خاتم الخطوبة جزءًا أساسيًا من عرض الزواج في مختلف أنحاء العالم.
أما خاتم الزواج، فعلى عكس خاتم الخطوبة الذي يُقدَّم عادةً لطرف واحد (غالبًا العروس)، يتم تبادل خواتم الزواج بين الطرفين أثناء مراسم الزفاف. أصبحت هذه العادة أكثر انتشارًا في الغرب خلال القرن العشرين، خاصةً أثناء الحرب العالمية الثانية، حين بدأ الجنود بارتداء خواتم الزواج ليشعروا بالقرب من شركائهم أثناء غيابهم.
اليوم، يتم تبادل خواتم الزواج كرمز مشترك للوحدة والمساواة والالتزام الدائم.
وتختلف تقاليد الخواتم من ثقافة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال:
-
في بعض الدول الأوروبية، يُرتدى خاتم الخطوبة في اليد اليمنى ثم يُنقل إلى اليسرى بعد الزواج.
-
في الهند، تعتبر خواتم الأصابع أو خواتم أصابع القدم رمزًا تقليديًا للزواج.
-
في الدول الإسكندنافية، يرتدي كل من الرجل والمرأة خاتم الخطوبة.
ورغم هذه الاختلافات، تبقى الرمزية واحدة: الخاتم يعبّر عن الرابط الذي لا ينكسر، والحب الذي لا نهاية له، والوعد الأبدي.
تقليدًا عالميًا
ما بدأ كحلقة بسيطة من القش في مصر القديمة تطوّر ليصبح تقليدًا عالميًا مليئًا بالمعاني والمشاعر. سواء كان ألماسة متلألئة أو خاتمًا بسيطًا، فإن خواتم الخطوبة والزواج تظل رمزًا قويًا للحب والالتزام، وتلعب دورًا محوريًا في طقوس الزواج حول العالم.
Add comment